(نَحْنُ) معاشر الملائكة (أَوْلِياؤُكُمْ) أنصاركم وأحبّاؤكم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) نتولّى إيصال الخيرات إليكم من قبل الله تعالى ، ونلهمكم الحقّ ، ونحملكم على الخير ، بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة (وَفِي الْآخِرَةِ) بالشفاعة والكرامة ، حيثما يتعادى الكفرة وقرناؤهم ، ولا نفارقكم إلى أن ندخلكم الجنّة (وَلَكُمْ فِيها) في الآخرة (ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) من اللذائذ (وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) ما تتمنّون. من الدعاء بمعنى الطلب. وهو أعمّ من الأوّل.
(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) حال من «ما تدّعون» للإشعار بأنّ ما يتمنّون بالنسبة إلى ما يعطون ممّا لا يخطر ببالهم كالنزل ، أي : كرزق النزيل ، وهو الضيف.
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً) صورته صورة الاستفهام ، والمراد به النفي. وتقديره : وليس أحد أحسن قولا (مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) إلى عبادته (وَعَمِلَ صالِحاً) فيما بينه وبين ربّه (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) المستسلمين لأمر الله تعالى ، المنقادين لطاعته. وليس الغرض أنّه تكلّم بهذا الكلام ، بل المراد أنّه اتّخذ دين الإسلام مذهبه ، كما تقول : هذا قول فلان ، والمراد مذهبه.
والآية عامّة في كلّ من جمع بين هذه الثلاث ، وهي : أن يكون موحّدا ، معتقدا لدين الإسلام ، عاملا بالخير ، داعيا إليه. وما هم إلّا طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد ، الدعاة إلى دين الله.
وعن ابن عبّاس : نزلت في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : في المؤذّنين.
وفي هذه الآية دلالة على أنّ الدعاء إلى الدّين من أعظم الطاعات وأجلّ الواجبات. والداعي يجب أن يكون عاملا بعلمه ، ليكون الناس إلى القبول منه أقرب ، وإليه أسكن.
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) في الجزاء وحسن العاقبة. و «لا» الثانية