قالُوا لَنا هذِهِ) (١).
(وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) تقوم (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) أي : ولئن قامت ـ على طريق التوهّم ـ كان لي عند الله الحالة الحسنى من الكرامة. وذلك لاعتقاده أنّ ما أصابه من نعم الدنيا فلاستحقاق لا ينفكّ عنه ، أو لقياس أمر الآخرة على أمر الدنيا. وعن بعضهم : للكافر أمنيتان ، يقول في الدنيا : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى). ويقول في الآخرة : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٢). وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة.
(فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) فلنخبرنّهم (بِما عَمِلُوا) بحقيقة أعمالهم ، ولنبصرنّهم عكس ما اعتقدوا فيها من أنّهم يستوجبون عليها كرامة عند الله. وذلك أنّهم كانوا ينفقون أموالهم رئاء الناس ، وطلبا للافتخار والاستكبار لا غير. وكانوا يحسبون أنّ ما هم عليه سبب الغنى والصحّة ، وأنّهم محقوقون بذلك (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) شديد متراكم ، لا يمكنهم التفصّي عنه.
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ) عن الشكر ، وأبطرته النعمة حتّى كأنّه لم يلق بؤسا قطّ ، فنسي المنعم (وَنَأى بِجانِبِهِ) عطفه. وهذا عبارة عن الانحراف ، كما قالوا : ثنّى عطفه ، وتولّى بركنه. فالمعنى : انحرف عنه تكبّرا وتجبّرا عن الاعتراف بنعم الله تعالى ، وأعرض وتباعد عنه تكبّرا وتعظّما. أو الجانب مجاز عن النفس ، كالجنب في قوله (فِي جَنْبِ اللهِ) (٣). فكأنّه قال : ونأى بنفسه ، كقولهم في المتكبّر : ذهب بنفسه ، وذهبت به الخيلاء كلّ مذهب.
(وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) الضرّ (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) كثير. مستعار ممّا له عرض متّسع ، للإشعار بكثرته واستمراره ، كما استعير الغلظ لشدّة العذاب. وهو أبلغ من
__________________
(١) الأعراف : ١٣١.
(٢) النبأ : ٤٠.
(٣) الزمر : ٥٦.