أُمَّ الْقُرى» ـ إلى المفعول الأوّل ، والثاني ـ وهو قوله : (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) ـ إلى المفعول الثاني. فحذف ثاني مفعولي الأوّل ، وأوّل مفعولي الثاني ، للتهويل وإيهام التعميم.
(لا رَيْبَ فِيهِ) اعتراض لا محلّ له (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) أي : يجمعون في الموقف أوّلا ثمّ يفرّقون. والتقدير : منهم فريق. والضمير للمجموعين ، لدلالة الجمع عليه ، فإنّه في معنى : يوم جمع الخلائق.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي : مؤمنين كلّهم على القسر والإكراه ، كقوله : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (١). وقوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (٢). والدليل على أنّ المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان قوله : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣). وإدخال همزة الإنكار على المكره دون فعله ، دليل على أنّ الله وحده هو القادر على هذا الإكراه دون غيره. فالمعنى : ولو شاء ربّك مشيئة قدرة لقسرهم جميعا على الإيمان.
(وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) مشيئة حكمة. فكلّفهم وبنى أمرهم على ما يختارون ، ليدخل المؤمنين في رحمته ، وهم المرادون بمن يشاء. وتغيير المقابلة لأجل ذلك ، أو للمبالغة في الوعيد ، إذ الكلام في الإنذار. ألا ترى أنّه وضعهم في مقابلة الظالمين ، وترك الظالمين بغير وليّ ولا نصير في عذابه ، بقوله : (وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي : يدعهم بغير من يتولّى أمرهم وينصرهم.
(أَمِ اتَّخَذُوا) أم منقطعة. ومعنى الهمزة فيها للإنكار ، أي : بل اتّخذوا (مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) كالأصنام (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) هو الّذي يجب أن يتولّى وحده ، ويعتقد أنّه المولى والسيّد. وذكر الفاء لأنّه جواب شرط محذوف ، كأنّه قيل بعد إنكار كلّ
__________________
(١) السجدة : ١٣.
(٢) يونس : ٩٩.
(٣) يونس : ٩٩.