الإيمان بجميع الكتب المنزلة ، لا كالكفّار الّذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض ، كقوله : (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) إلى قوله : (هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) (١).
(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) في تبليغ الحكومات والشرائع. والأوّل إشارة إلى كمال القوّة النظريّة ، وهذا إشارة إلى كمال القوّة العمليّة.
(اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ) خالق الكلّ ومتولّي أمره. وإنّما قال ذلك لأنّ المشركين قد اعترفوا بأنّ الله هو الخالق. (لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) وكلّ مجازى بعمله ، ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره ، فلا يضرّنا إصراركم على الكفر. (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) لا حجاج بمعنى : لا خصومة ، إذ الحقّ قد ظهر ، ولم يبق للمحاجّة مجال ، ولا للخلاف مبدأ ، سوى العناد ، فلا حاجة إلى المحاجّة.
(اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) يوم القيامة ، فيفصل بيننا ، وينتقم لنا منكم (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) مرجع الكلّ لفصل القضاء.
وهذه محاجزة في مواقف المقاولة لا المقاتلة ، ومتاركة بعد ظهور الحقّ وقيام الحجّة والإلزام. فليس في الآية ما يدلّ على متاركة الكفّار رأسا ، حتّى تكون منسوخة بآية القتال (٢).
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا
__________________
(١) النساء : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) التوبة : ٢٩.