من راكب دابّة عثرت به أو شمست (١) أو تقحمّت ، أو طاح من ظهرها فهلك. فكان من حقّ الراكب أن لا ينسى عند الركوب يوم هلاكه ومنقلبه إلى الله ، حتّى يكون مستعدّا للقاء الله بإصلاحه من نفسه ، والحذر من أن يكون ركوبه ذلك من أسباب موته في علم الله وهو غافل عنه.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان إذا وضع رجله في الركاب قال : بسم الله. فإذا استوى على الدابّة قال : الحمد لله على كلّ حال ، سبحان الّذي سخّر لنا هذا إلى قوله : لمنقلبون ، وكبّر ثلاثا ، وهلّل ثلاثا. وإذا ركب في السفينة قال : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢).
وروى العيّاشي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «ذكر النعمة أن تقول : الحمد لله الّذي هدانا للإسلام ، وعلّمنا القرآن ، ومنّ علينا بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وتقول بعده : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) الآية».
وعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام : «أنّه رأى رجلا ركب دابّة فقال : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا). فقال عليهالسلام : أَبهذا أمرتم؟ فقال : وبم أمرنا؟ قال : أن تذكروا نعمة ربّكم».
كان قد أغفل التحميد فنبّهه عليه. وهذا من حسن مراعاتهم لآداب الله ، ومحافظتهم على دقيقها وجليلها. جعلنا الله من المقتدين بهم ، والسائرين بسيرتهم.
فما أحسن بالعاقل النظر في لطائف الصناعات ، فكيف بالنظر في لطائف الديانات؟
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ
__________________
(١) شمس الفرس : منع ظهره ، وكان لا يمكّن أحدا من ركوبه ، ولا يكاد يستقرّ. وتقحّم الفرس براكبه : ألقاه على وجهه.
(٢) هود : ٤١.