مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) هل حكمنا بعبادة الأوثان؟ وهل جاءت في ملّة من مللهم؟
وقيل : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع له تسعون نبيّا ـ منهم موسى وعيسى ـ ليلة الإسراء في بيت المقدس فأمّهم ، وقيل له : سلهم ، فلم يشكّ ولم يسأل.
وقيل : السؤال مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم ، هل جاءت عبادة الأوثان قطّ في ملّة من ملل الأنبياء؟ وكفاه نظرا وفحصا نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لما بين يديه ، وإخبار الله فيه بأنّهم لا يعبدون إلّا الله. وهذه الآية كافية في نفسها ، لا حاجة إلى غيرها. والسؤال الواقع مجازا عن النظر ، حيث لا يصحّ السؤال على الحقيقة ، كثير منه مساءلة الشعراء الديار والرسوم والأطلال. ومنه قول من قال : سل الأرض من شقّ أنهارك ، وغرس أشجارك ، وجنى ثمارك؟ فإنّها إن لم تجبك حوارا (١) أجابتك اعتبارا. والقول الأوّل قول أكثر المفسّرين.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا
__________________
(١) أي : مخاطبة بالنطق ، ومجاوبة للكلام.