ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام. وتكون الأرض كلّها كبيت أو قد فيه خصاص» (١).
(يَغْشَى النَّاسَ) يحيط بهم. في محلّ الجرّ على أنّه صفة للدخان. وقوله : (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) أي : قائلين ذلك (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ) منصوب المحلّ بفعل مضمر ، وهو : يقولون. و «يقولون» منصوب على الحال. (إِنَّا مُؤْمِنُونَ) وعد بالإيمان إن كشف العذاب عنهم.
(أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) من أين لهم وكيف يتذكّرون بهذه الحالة (وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) بيّن لهم ما هو أعظم من كشف الدخان ، وهو ما ظهر على رسول الله من الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة.
(ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ) فلم يذّكّروا (وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) فقال بعضهم : يعلّمه عداس ، غلام أعجميّ لبعض ثقيف. وقال آخرون : إنّه مجنون.
(إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ) بدعاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه لمّا دعا رفع القحط (قَلِيلاً) كشفا قليلا ، أو زمانا قليلا ، وهو ما بقي من أعمارهم (إِنَّكُمْ عائِدُونَ) إلى الكفر غبّ الكشف. ومن فسّر الدخان بما هو من الأشراط قال : إذا جاء الدخان غوّث (٢) الكفّار بالدعاء ، فيكشفه الله عنهم بعد أربعين يوما ، فريثما يكشفه عنهم يرتدّون لا يتمهّلون. ومن فسّره بما في يوم القيامة أوّله بالشرط. والتقدير : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) يوم القيامة ، أو يوم بدر. ظرف لفعل دلّ عليه (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) لا لـ «منتقمون» فإنّ «إنّ» تحجزه عنه. أو بدل من «يوم تأتي». والبطش هو شدّة الألم.
(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ
__________________
(١) الخصاص : الفرج في البناء وما شاكله.
(٢) أي : قالوا : وا غوثاه.