به في الذوب (كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) غليانا مثل غلي الحميم. وهو الماء الحارّ الّذي انتهى غليانه.
ثمّ يقال للزبانية : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ) فجرّوه. والعتل : الأخذ بمجامع الشيء وجرّه بقهر. وعن مجاهد : جرّوه على وجهه. وقرأ الحجازيّان وابن عامر ويعقوب بالضمّ. وهما لغتان. (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) وسطه. سمّي وسط الشيء سواء ، لاستواء المسافة بينه وبين أطرافه المحيطة به. والسواء العدل.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) كان أصله : يصبّ من فوق رؤوسهم الحميم ، لأنّ الحميم حقيقة هو المصبوب لا عذابه. فقيل استعارة : يصبّ من فوق رؤوسهم عذاب هو الحميم للمبالغة. ثمّ أضيف العذاب إلى الحميم للتخفيف. وزيد «من» للدلالة على أنّ المصبوب بعض هذا النوع ، فيكون أهول وأهيب.
وعن مقاتل : إنّ خازن النار يمرّ به على رأسه ، فيذهب رأسه عن دماغه ، ويقول له استهزاء وتقريعا على ما كان عليه من التعزّز والتكرّم على قومه : (ذُقْ) أي : ذق هذا العذاب الشديد (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) على قومك ، أو على زعمك.
وروي : أنّ أبا جهل قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما بين جبليها ـ يعني : جبلي أبي قبيس وثور ـ أعزّ ولا أكرم منّي ، فو الله ما تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا.
وقيل : إنّك أنت الذليل المهين ، إلّا أنّه قيل على هذا الوجه للاستخفاف به.
وقرأ الكسائي : أنّك بالفتح ، أي : ذق لأنّك ، أو عذاب أنّك. وعن الحسن بن علي عليهالسلام : أنّه قرأ بفتح «أنّك» على المنبر.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤)