قرنّاهم بهنّ. ولذلك عدّي بالباء. والحور جمع الحوراء ، بمعنى البيضاء. والعين جمع العيناء ، بمعنى عظيمة العينين. واختلف في أنّهنّ نساء الدنيا أو غيرهنّ.
(يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ) يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهون من الفواكه ، لا يتخصّص شيء منها بمكان ولا زمان (آمِنِينَ) من نفادها ومضرّتها.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) بل يحيون فيها دائما. والاستثناء منقطع أو متّصل. والضمير للآخرة. والموت أوّل أحوالها. أو الجنّة ، والمؤمن يشاهدها عنده ، فكأنّه فيها. أو الاستثناء للمبالغة في تعميم النفي وامتناع الموت ، فكأنّه قال : لا يذوقون فيها الموت إلّا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى في المستقبل.
فهو من باب التعليق بالمحال. وشبّه الموت بالطعام الّذي يذاق ويتكرّه عند المذاق ، ثمّ نفى أن يكون ذلك في الجنّة.
وإنّما خصّهم بأنّهم لا يذوقون الموت ، مع أنّ جميع أهل الآخرة لا يذوقون الموت ، لما في ذلك من البشارة لهم بالحياة الهنيئة في الجنّة ، فأمّا من يكون فيما هو كالموت في الشدّة ، فإنّه لا يطلق له هذه الصفة ، لأنّه يموت موتات كثيرة بما يقاسيه من العقوبة.
(وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) وصرف عنهم عذاب النار. وهذه الآية مختصّة بمن لا يستحقّ دخول النار فلا يدخلها ، أو بمن استحقّ النار فتفضّل الله عليه بالعفو فلم يدخلها. ويجوز أن يكون المراد : ووقاهم عذاب الجحيم على وجه التأبيد ، أو على الوجه الّذي يعذّب عليه الكفّار. وعلى أحد هذه الوجوه ؛ ليس للمعتزلة أن يتمسّكوا بها على أنّ الفاسق الملّي لا يخرج من النار ، لأنّه يكون قد وقي النار.
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) أي : أعطوا كلّ ذلك عطاء وتفضّلا منه (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لأنّه خلاص عن المكاره ، وفوز بالمطالب.