له الرماد ، فجلس عليه تائبا إلى الله متضرّعا.
وكانت له أمّ ولد اسمها أمينة ، إذا دخل للطهارة أو لإصابة امرأة وضع خاتمه عندها ، وكان ملكه فيه. فوضعه عندها يوما ، فتمثّل لها بصورته شيطان هو صاحب البحر ، اسمه صخر ، فقال : يا أمينة أعطني خاتمي. فأخذ الخاتم فتختّم به ، وجلس على كرسيّ سليمان ، فاجتمع عليه الجنّ والإنس والطير ، ونفذ حكمه في كلّ شيء.
وغيّر سليمان عن هيئته ، فأتاها لطلب الخاتم فطردته ، فعرف أنّ الخطيئة قد أدركته. فكان يدور على البيوت يتكفّف (١) ، فإذا قال : أنا سليمان حثوا عليه التراب وسبّوه. ثمّ عمد إلى السمّاكين ينقل لهم السموك ، فيعطونه كلّ يوم سمكتين. فمكث على ذلك أربعين يوما ، عدد ما عبدت الصورة في بيته.
فأنكر آصف وعظماء بني إسرائيل حكم الشيطان. وسأل آصف نساء سليمان ، فقلن : ما يدع امرأة منّا في دمها ، ولا يغتسل من جنابة. وقيل : بل نفذ حكمه في كلّ شيء إلّا فيهنّ.
ثمّ طار الشيطان ، وقذف الخاتم في البحر ، فابتلعته سمكة. وكان سليمان يستطعم فلا يطعم ، حتّى أعطته امرأة يوما حوتا ، فشقّ بطنه فوجد خاتمه فيه ، فتختّم وخرّ ساجدا ، ورجع إليه الملك. وجاب (٢) صخرة لصخر فجعله فيها ، وسدّ عليه بأخرى ، ثمّ أوثقهما بالحديد والرصاص ، وقذفه في البحر.
لقد أبى (٣) عقول العلماء الراسخين في العلم قبوله ، وقالوا : هذا من أباطيل اليهود ، والشياطين لا يتمكّنون من مثل هذه الأفاعيل. كيف وتسليط الله إيّاهم على عباده حتّى يقعوا في تغيير الأحكام ، وعلى نساء الأنبياء حتّى يفجروا بهنّ ،
__________________
(١) أي : يستعطي الناس بكفّه.
(٢) جاب الصخرة : خرقها.
(٣) خبر لقوله : وما قيل ... ، في بداية القصّة.