وذاك في علم الفقه. والفضل الخير الزائد على غيره. فأمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل بفضل محمّد وآله ، وكثرة العلماء الراسخين منهم.
(وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) أدلّة في أمر الدين. ويندرج فيها المعجزات. وقيل : آيات من أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مبيّنات لصدقه (فَمَا اخْتَلَفُوا) في ذلك الأمر (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) ما هو موجب لزوال الخلاف ، وهو العلم بحقيقة الحال.
(بَغْياً بَيْنَهُمْ) عداوة وحسدا ، وطلبا للرئاسة ، وأنفة من الإذعان للحقّ (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) بالمؤاخذة والمجازاة له.
(ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ) على طريقة ومنهاج من أمر الدين بعد موسى وقومه ، فإنّ الشريعة السنّة الّتي من سلك طريقها أدّته إلى البغية ، كالشريعة الّتي هي طريق إلى الماء. فهي علامة منصوبة على الطريق ـ من الأمر والنهي ـ يؤدّي إلى الجنّة ، كما يؤدّي ذلك إلى الوصول إلى الماء.
(فَاتَّبِعْها) فاتّبع شريعتك الثابتة بالحجج ، واعمل بها (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) آراء الجهّال التابعة للشهوات ، من أهل الكتاب الّذين غيّروا التوراة اتّباعا لهواهم ، وحبّا للرئاسة ، واستتباعا للعوام.
(إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا) لن يدفعوا (عَنْكَ مِنَ اللهِ) من عذابه (شَيْئاً) ممّا أراد بك إن اتّبعت أهواءهم (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) إذ الجنسيّة علّة الضمّ ، فلا توالهم باتّباع أهوائهم (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) ناصرهم وحافظهم. فلا تشغل قلبك بتناصرهم وتعاديهم عليك ، فإنّ الله ينصرك ويحفظك. فواله بالتقى واتّباع الشريعة.
(هذا) أي : القرآن ، أو اتّباع الشريعة (بَصائِرُ لِلنَّاسِ) بيّنات تبصّرهم أمور دينهم. جعل سبحانه ما فيه من معالم الدين والشرائع بمنزلة البصائر في القلوب ، كما جعله روحا وحياة (وَهُدىً) من الضلالة (وَرَحْمَةٌ) ونعمة من الله (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) يطلبون اليقين ، لأنّهم هم المنتفعون به.