الموت على المؤمنين بالبشرى ، وعلى الكافرين بضرب وجوههم وأدبارهم. أو حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات ، وأولئك على ركوب المعاصي ، ومات هؤلاء على البشرى بالرحمة والوصول إلى ثواب الله ورضوانه ، وأولئك على اليأس من رحمة الله والوصول إلى هول ما أعدّ لهم.
وقيل : معناه إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة ، لأنّ المسيئين والمحسنين مستو محياهم في الرزق والصحّة ، وإنّما يفترقون في الممات.
وقيل : سواء محياهم ومماتهم كلام مستأنف ، على معنى : أنّ محيا المسيئين ومماتهم سواء ، وكذلك محيا المحسنين ومماتهم ، فإنّ كلّا يموت على حسب ما عاش عليه ، فلا يكون حال هؤلاء مساوية لهؤلاء.
وقيل : الضمير للكفّار. والمعنى : أنّهم يتساوون محيا ومماتا ، لأنّ الحيّ متى لم يفعل الطاعة فهو بمنزلة الميّت.
(ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ساء حكمهم هذا. أو بئس شيئا حكموا به ذلك.
وعن تميم الداري : أنّه كان يصلّي ذات ليلة عند المقام ، فبلغ هذه الآية ، فجعل يبكي ويردّدها إلى الصباح.
وعن الفضيل : أنّه بلغها فجعل يردّدها ويبكي ويقول : يا فضيل ، ليت شعري من أيّ الفريقين أنت.
(وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي : لم يخلقهما عبثا ، وإنّما خلقهما لنفع خلقه ، بأن يكلّفهم ويعرّضهم للثواب الجزيل. وهذا كالدليل على الحكم السابق ، من حيث إنّ خلق ذلك بالحقّ المقتضي للعدل يستدعي انتصار المظلوم من الظالم ، والتفاوت بين المسيء والمحسن في المحيا وبعد الممات.
(وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) عطف على «بالحقّ» لأنّه في معنى العلّة. أو على علّة محذوفة ، مثل : ليدلّ بها على قدرته. أو ليعدل ولتجزى. (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بنقص ثواب وتضعيف عقاب.