قالت كفّار مكّة في حقّ من يتّبع محمّدا من الفقراء والموالي والرعاة ـ مثل : عمّار ، وصهيب ، وابن مسعود ، وأمثالهم من السقّاط ـ : لو كان ما جاء به خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء الفقراء الأذلّاء.
وقيل : لمّا أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار ، قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع : لو كان خيرا ما سبقنا إليه رعاء البهم (١).
وقيل : هذا قول اليهود حين أسلم ابن سلام وأصحابه.
(وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) بالقرآن حيث لم يتدبّروا فيه. والظرف متعلّق بمحذوف تقديره : وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم. وقوله : (فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) مسبّب عنه. وهذا كقولهم : أساطير الأوّلين.
(وَمِنْ قَبْلِهِ) ومن قبل القرآن. وهو خبر لقوله : (كِتابُ مُوسى) ناصب لقوله : (إِماماً وَرَحْمَةً) على الحال ، كقولك : في الدار زيد قائما. والمعنى : قدوة يؤتمّ به في دين الله وشرائعه ، كما يؤتمّ بالإمام. ورحمة لمن آمن به وعمل بما فيه.
(وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ) لكتاب موسى ، أو لما بين يديه (لِساناً عَرَبِيًّا) حال من ضمير «كتاب» في «مصدّق». أو «كتاب» لتخصّصه بالصفة. وعاملها معنى الإشارة. وذكر اللسان توكيد ، كما تقول : جاءني زيد رجلا صالحا ، فتذكر «رجلا» توكيدا. وفائدة هذه الحال الإشعار بالدلالة على أنّه مع كونه مصدّقا للتوراة ، مفهوم المراد لكفّار قريش ، لأنّه نزل بلغتهم على أفصح الكلام وأبلغ البيان.
وقيل : مفعول «مصدّق». والمعنى : يصدّق ذا لسان عربيّ بإعجازه ، وهو الرسول.
(لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) علّة «مصدّق». وفيه ضمير الكتاب ، أو الله ، أو الرسول. ويؤيّد الأخير قراءة نافع وابن عامر والبزّي بخلاف عنه ويعقوب بالتاء.
(وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) عطف على محلّ «لينذر» لأنّه مفعول له.
__________________
(١) رعاء جمع راعي. والبهم : أولاد البقر والمعز والضأن. والواحد : البهمة.