يجب الإيمان به تعظيما له ، وإشعارا بأنّ الإيمان لا يتمّ بدونه ، وأنّه الأصل فيه.
ولذلك أكّده بالجملة الاعتراضيّة الّتي هي قوله : (وَهُوَ) أي : وما نزل على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) وحقيقته بكونه ناسخا لا ينسخ (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) سترها ، وغفر لهم بالإيمان وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي ، لرجوعهم عنها وتوبتهم (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) شأنهم وحالهم في الدين والدنيا ، بالتوفيق واللطف في امور الدين ، وبالتسليط على الدنيا بما أعطاهم من النصرة والتأييد.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما مرّ من إضلال أعمال أحد الفريقين ، وتكفير سيّئات الثاني ، والإصلاح. وهو مبتدأ خبره (بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ) أي : ذلك كائن بسبب اتّباع هؤلاء الباطل ، واتّباع هؤلاء الحقّ. وهذا تصريح بما أشعر به ما قبلها ، ولذلك سمّي تفسيرا.
(كَذلِكَ) مثل ذلك الضرب (يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ) يبيّن لهم (أَمْثالَهُمْ) أحوال الفريقين ، أو أحوال الناس. أو يضرب أمثالهم ، بأن جعل اتّباع الباطل مثلا لعمل الكفّار ، والإضلال مثلا لخيبتهم ، واتّباع الحقّ مثلا للمؤمنين ، وتكفير السيّئات مثلا لفوزهم ، لرجوعهم عنها وتوبتهم.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ