مخيّرا بين أن يقتله ، أو يقطع يده ورجله من خلاف ، ويتركه حتّى ينزف ويموت. وإن أخذ بعد انقضاء الحرب تخيّر الامام بين المنّ والفداء والاسترقاق ، ولا يجوز القتل. ولو حصل منه الإسلام في الحالين منع القتل خاصّة.
فعلى هذا يكون قول الحسن موافقا لمذهبنا. ويقوى القول بالتقديم والتأخير ، ولا حرج في ذلك.
(ذلِكَ) أي : الأمر ذلك ، أو افعلوا بهم ذلك (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) لانتقم منهم ببعض أسباب الهلكة ، من خسف ، أو رجفة ، أو حاصب ، أو غرق ، أو موت مستأصل (وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) ولكن أمركم بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين ، بأن يجاهدوهم فيستوجبوا الثواب العظيم ، والكافرين بالمؤمنين ، بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض عذابهم كي يرتدع بعضهم عن الكفر.
«والذين قاتلوا» جاهدوا (فِي سَبِيلِ اللهِ) قرأ البصريّان وحفص : قتلوا ، أي : استشهدوا (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) فلن يضيّعها (سَيَهْدِيهِمْ) إلى الثواب ، أو سيثبت هدايتهم (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) بالرسوخ على العقيدة الحقّة (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) وقد عرّفها لهم في الدنيا حتّى اشتاقوا إليها ، فعملوا ما استحقّوها به. أو بيّنها لهم بحيث يعلم كلّ واحد منزله ويهتدي إليه.
قال مجاهد : يهتدي أهل الجنّة إلى مساكنهم منها لا يخطئون ، كأنّهم كانوا سكّانها منذ خلقوا.
وعن مقاتل : إنّ الملك الّذي وكلّ بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه ، فيعرّفه كلّ شيء أعطاه الله.
أو طيّبها لهم ، من العرف وهو طيب الرائحة. أو حدّدها لهم بحيث يكون لكلّ جنّة مفرزة عن غيرها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ) أي : إن تنصروا دينه ورسوله (يَنْصُرْكُمْ) على عدوّكم (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) في مواطن الحرب ، بالتشجيع وتقوية القلوب وتثبيتها. أو على محجّة الإسلام ، والقيام بحقوقه.