والاسترقاق. وعند الحنفيّة يتخيّر بين القتل والاسترقاق. فعلى قولهم الآية منسوخة ، أو مخصوصة بحرب بدر. وظاهر الآية قريب من مذهب الشافعيّة.
وفي التحقيق الآية تمنع القتل بعد الإثخان والأسر ، لتقييد المنّ والفداء بكونه بعد الأسر ، ولم يذكر معهما القتل. وعلى التقادير ؛ فالاسترقاق علم بالسنّة. هذا ، وقد قيل : إنّ الأسر كان محرّما بقوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) (١). حتّى نسخ بهذه الآية.
(حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) أي : يضع أهل الحرب آلاتها وأثقالها الّتي لا تقوم الحرب إلّا بها ، كالسلاح والخيل والركاب ، أي : تنقضي الحرب ولم يبق إلّا مسلم أو مسالم. وسمّيت أوزارها ، لأنّه لمّا لم يكن لها بدّ من جرّها فكأنّها تحملها وتستقلّ بها ، فإذا انقضت فكأنّها وضعتها. وقيل : آثامها. والمعنى : حتّى يضع أهل الحرب شركهم ومعاصيهم. وهو غاية للضرب ، أو الشدّ ، أو للمنّ والفداء ، أو للمجموع. يعني : أنّ هذه الأحكام جارية فيهم حتّى لا يكون حرب مع المشركين بزوال شوكتهم. وقيل : بنزول عيسى.
وقال الحسن : إنّ الامام مخيّر بين المنّ والفداء والاسترقاق ، وليس له القتل بعد الأسر. فكأنّه جعل في الآية تقديما وتأخيرا ، تقديره : فضرب الرقاب حتّى تضع الحرب أوزارها. ثمّ قال : حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منّا وإمّا فداء.
وقيل : حكم الآية منسوخ بآية السيف (٢). وليس بشيء ، لأصالة عدم النسخ. والتخصيص خير منه.
والمنقول عن أهل البيت عليهمالسلام : أنّ الأسير إن أخذ والحرب قائمة ، كان الإمام
__________________
(١) الأنفال : ٦٧.
(٢) التوبة : ٥ و٢٩.