(وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ) بأن أحييناهم بعد موتهم (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) حتّى كان له ضعف ما كان.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّ الله تعالى أحيا له أهله الّذين كانوا ماتوا قبل البليّة ، وأحيا له أهله الّذين ماتوا وهو في البليّة».
(رَحْمَةً مِنَّا) لرحمتنا عليه (وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) ولتذكير ذوي العقول الخالصة ، لينتظروا الفرج بالصبر على البلاء واللجأ إلى الله فيما يحيق بهم.
(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً) عطف على «اركض» أي : وقلنا له ذلك. والضغث : الحزمة الصغيرة من الشماريخ (١) والحشيش وما أشبه ذلك. (فَاضْرِبْ بِهِ) دفعة واحدة (وَلا تَحْنَثْ) في يمينك. وذلك أنّ زوجته ليا بنت يعقوب ـ وقيل : رحمة بنت افرائيم بن يوسف ـ ذهبت لحاجة في مرضه ، فأبطأت في الرجوع ، فضاق صدر المريض ، فحلف إن برىء ضربها مائة ضربة ، فحلّل الله يمينه بأهون شيء عليه وعليها ، لحسن خدمتها إيّاه ورضاه عنها.
وروي عن ابن عبّاس أنّه قال : سبب صدور هذا الحلف من أيّوب أنّ إبليس لقيها في صورة طبيب ، فدعته لمداواة أيّوب. فقال : أداويه بشرط أنّه إذا برىء قال : أنت شفيتني ، لا أريد جزاء سواه. قالت : نعم. فأشارت إلى أيّوب بذلك ، فحلف ليضربنّها. وهذه رخصة باقية في الحدود إلى الآن.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّه قد أتي بمخدج ـ أي : ناقص البدن ـ قد خبث بأمة ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خذوا عثكالا (٢) فيه مائة شمراخ ، فاضربوه بها ضربة».
وروى العيّاشي بإسناده أنّ عبّاد المكّي قال : قال لي سفيان الثوري : إنّي أرى لك من أبي عبد الله منزلة ، فاسأله عن رجل زنى وهو مريض ، فإن أقيم الحدّ عليه خافوا أن يموت ، ما تقول فيه؟ قال : فسألته فقال لي : «هذه المسألة من تلقاء
__________________
(١) الشماريخ جمع الشمراخ ، وهو الغصن عليه تمر أو عنب.
(٢) العثكال : هو في النخل بمنزلة العنقود في الكرم.