والمراد من تعبه وألمه مرضه ، وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب (١). وقيل : النصب الضرّ في البدن ، والعذاب في ذهاب الأهل والمال.
وإنّما نسبه إلى الشيطان ، لما كان يوسوس به إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء ، ويغريه على الجزع ، فالتجأ إلى الله سبحانه في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء ، أو بالتوفيق في دفعه وردّه بالصبر الجميل.
وعن مقاتل : يوسوسه بأن طال مرضك ، ولا يرحمك ربّك.
وقيل : بأن يذكّره ما كان فيه من نعم الله ، من الأهل والولد والمال ، ليزلّه بذلك.
وقيل : اشتدّ مرضه حتّى تجنّبه الناس ، فوسوس الشيطان إلى الناس أن يستقذروه ، ويخرجوه من بين أيديهم ، ويمنعوا امرأته الّتي تخدمه أن تدخل عليه.
فكان أيّوب يتأذّى بذلك ويتألّم منه ، ولم يشك الألم الّذي كان من أمر الله تعالى. روي عن أبي عبد الله عليهالسلام : أنّه دام ذلك سبع سنين.
وقالت الاماميّة : إنّه لا يجوز أن يكون بصفة يستقذره الناس عليها ، لأنّ في ذلك تنفيرا. وأمّا المرض والفقر وذهاب الأهل فيجوز أن يمتحنه الله بذلك.
فأجاب الله تعالى دعاءه وقال : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) اضرب برجلك الأرض.
فضربها ، فنبعت عين. فقيل له : (هذا) هذا الموضع (مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) فتغتسل به وتشرب منه ، فيبرأ باطنك وظاهرك.
وقيل : نبعت له عينان : حارّة وباردة ، فاغتسل من الحارّة وشرب من الباردة ، فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله تعالى.
وقيل : ضرب برجله اليمنى فنبعت عين حارّة فاغتسل منها ، ثمّ باليسرى فنبعت باردة فشرب منها.
__________________
(١) الوصب : المرض ، والوجع الدائم ، ونحول الجسم.