نعته مكتوبا عندهم.
وليس في هذا دلالة على أنّ المؤمن قد يكفر ، لأنّه لا يمتنع أن يكون المراد من رجع في باطنه عن الإيمان بعد أنّ أظهره وقامت الحجّة عنده بصحّته.
(الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) سهّل لهم اقتراف الكبائر وركوب العظائم. من السول ، وهو الاسترخاء. وقيل : حملهم على الشهوات. من السول ، وهو التمنّي. وفيه : إن السول مهموز ، قلبت همزته واوا لضمّ ما قبلها. ويمكن ردّه بقولهم : هما يتساولان. (وَأَمْلى لَهُمْ) ومدّ لهم في الآمال والأماني.
وقرأ أبو عمرو : املي لهم ، على البناء للمفعول. وهو ضمير الشيطان أولهم ، أي : أمهلوا ومدّ في عمرهم. وقرأ يعقوب : املي لهم. والمعنى : أنّ الشيطان يغويهم وأنا أملي لهم وأنظرهم وأمهلهم ، ولم أعاجلهم بالعقوبة. فتكون الواو للحال ، أو الاستئناف.
ثمّ بيّن سبحانه سبب استيلاء الشيطان عليهم ، فقال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) أي : قال اليهود الّذين كفروا بالنبيّ بعد ما تبيّن لهم نعته في التوراة للمنافقين. أو المنافقون لقريظة والنضير ، حيث قالوا لهم : لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم. أو أحد الفريقين للمشركين. والمرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّهم بنو اميّة ، كرهوا ما نزّل الله في ولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
(سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) في بعض الأمر الّذي يهمّكم. وهو التكذيب برسول الله ، أو بلا إله إلّا الله. أو في بعض ما تأمرون به ، كالقعود عن الجهاد ، والموافقة في الخروج معهم ، والتظافر على عداوة الرسول. (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) ما أسرّه بعضهم إلى بعض من القول ، وما أسرّوه في أنفسهم من الاعتقاد.
(فَكَيْفَ) يعملون وما حيلتهم (إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ) إذا قبضت الملائكة أرواحهم (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) تصوير لتوفّيهم بما يخافون منه