(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) تشهد على ما عملت أمّتك ، كقوله : (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (١). (وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) على الطاعة والمعصية.
(لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) الخطاب للنبيّ والأمّة (وَتُعَزِّرُوهُ) وتقوّوه بتقوية دينه ورسوله (وَتُوَقِّرُوهُ) وتعظّموه (وَتُسَبِّحُوهُ) وتنزّهوه ، أو تصلّوا له (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) غدوة وعشيّا ، أو دائما. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو الأفعال الأربعة بالياء ، والضمير للناس.
وفي الآية دلالة على بطلان مذهب أهل الجبر أنّ الله يريد من الكفّار الكفر ، لأنّه صرّح هنا أنّه يريد من جميع المكلّفين الإيمان والطاعة.
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) لأنّه المقصود ببيعته (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) حال ، أو استئناف مؤكّد له على سبيل التخييل. يريد أنّ يد رسول الله الّتي تعلو أيدي المبايعين في حكم يد الله في هذه البيعة. ولمّا كان الله تعالى منزّها عن الجوارح وعن سائر صفات الأجسام ، فالغرض تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما ، كقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٢).
وقيل : معناه : قوّة الله في نصرة نبيّه فوق نصرتهم إيّاه ، أي : ثق بنصرة الله لك ، لا بنصرتهم وإن بايعوك.
وقيل : نعمة الله عليهم بنبيّه فوق أيديهم بالطاعة والمبايعة.
(فَمَنْ نَكَثَ) نقض العهد (فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) فلا يعود ضرر نكثه إلّا عليه (وَمَنْ أَوْفى) ومن ثبت على الوفاء (بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) أي : أوفى بمبايعته.
يقال : وفيت بالعهد وأوفيت به. وهي لغة تهامة. ومنها : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٣) (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ) (٤). (فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) هو الجنّة.
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) النساء : ٨٠.
(٣) المائدة : ١.
(٤) البقرة : ١٧٧.