ها هنا؟!» (١).
والكلام اسم للتكليم ، غلّب في الجملة المفيدة. وقرأ حمزة والكسائي : كلم الله. وهو جمع كلمة.
(قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) نفي في معنى النهي (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ) في الحديبية (مِنْ قَبْلُ) من قبل تهيّئهم للخروج إلى خيبر (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) أن نشارككم في الغنائم (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ) لا يفهمون (إِلَّا قَلِيلاً) إلّا فهما قليلا ، وهو فطنتهم لأمور الدنيا. ومعنى الإضراب الأوّل ردّ منهم أن يكون حكم الله أن لا يتّبعوهم ، وإثبات للحسد. والثاني إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أجلّ منه ، وهو جهلهم بأمور الدين ، كقوله تعالى : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢).
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) كرّر ذكرهم بهذا الاسم مبالغة في الذمّ ، وإشعارا بشناعة التخلّف (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) بني حنيفة ، أو قوم مسيلمة ، أو غيرهم ممّن ارتدّوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في زمن أبي بكر ، فإنّه قال : (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) وفي زمانه لا يقبل منهم إلّا الإسلام أو السيف. وقيل : فارس والروم. ومعنى «يسلمون» : ينقادون ، لأنّ الروم نصارى ، وفارس مجوس ، يقبل منهم إعطاء الجزية. وعن قتادة : أنّهم ثقيف وهوازن ، وكان ذلك في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : هم أصحاب معاوية.
وقال صاحب المجمع : «الصحيح : أنّ المراد بالداعي في قوله : «ستدعون» هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّه قد دعاهم بعد ذلك إلى غزوات كثيرة ، وقتال أقوام ذوي نجدة وشدّة ، مثل أهل حنين والطائف ومؤتة وتبوك وغيرها ، فلا معنى لحمل ذلك على ما
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ١١٥.
(٢) الروم : ٧.