وجواب «لولا» محذوف ، لدلالة الكلام عليه. والمعنى : لولا كراهة أن تهلكوا أناسا مؤمنين بين اظهر المشركين ، جاهلين بهم ، لاختلاطهم بالكافرين ، غير متميّزين منهم ، ولا معروفي الأماكن ، فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقّة ، لما كفّ أيديكم عنهم.
وقوله : (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) علّة لما دلّ عليه كفّ الأيدي عن أهل مكّة صونا لمن فيها من المؤمنين ، أي : كان الكفّ ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته ـ أي : في توفيقه للسلامة من القتل ، ولزيادة الخير والطاعة ـ (مَنْ يَشاءُ) من مؤمنيهم.
(لَوْ تَزَيَّلُوا) لو تفرّقوا ، وتميّز بعضهم من بعض. من : زاله يزيله. (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) بالقتل والسبي. فلحرمة اختلاط المؤمنين بالمشركين لم يعذّب الله المشركين.
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) مقدّر بـ : اذكر. أو ظرف لـ «لعذّبنا» أو «صدّوكم».
(فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) الخصلة الّتي تحمي الإنسان ، أي : حميت قلوبهم بالغضب.
والمراد : أنفتهم واستنكافهم من الإقرار بالرسالة ، والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم.
ثمّ فسّر تلك الحميّة بقوله : (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) أي : عادة آبائهم في الجاهليّة أن لا يذعنوا لأحد ، ولا ينقادوا له ، ويمتنعوا عن اتّباعه وإن كان في الحقّ.
(فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) الثبات والوقار (عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وذلك حين قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام : اكتب في صكّ المصالحة : بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال سهيل : ما نعرف هذا ، ولكن اكتب : باسمك اللهمّ.
ثمّ قال : اكتب : هذا ما صالح عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل مكّة.
فقالوا : لو كنّا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن