الرجل : أنا فلان. فقال ثابت : بل أنت ابن فلانة. ذكر أمّا له كان يعيّر بها في الجاهليّة. فنكس الرجل رأسه حياء.
وعن أنس : نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سخرن من أمّ سلمة. وذلك أنّها ربطت حقويها بسبيبة ـ وهي : ثوب أبيض من الكتّان ـ وسدلت طرفيها خلفها ، فكانت تجرّه.
فقالت عائشة لحفصة : انظري ماذا تجرّ خلفها ، كأنّه لسان كلب. فهذا كانت سخريّتهما.
وقيل : إنّها عيّرت زينب بنت خزيمة الهلاليّة.
وعن أنس : عيّرت نساء رسول الله أمّ سلمة بالقصر ، وأشرن بأيديهنّ أنّها قصيرة. فنزل فيهنّ قوله :
(وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) ولا تسخر بعض المؤمنات من بعض (عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ) كلام مستأنف كما مرّ آنفا. وتنكير القوم والنساء يحتمل معنيين : أن يراد : لا يسخر بعض المؤمنين والمؤمنات من بعض ، كما فسّرنا به. وأن يقصد إفادة الشياع ، وأن تصير كلّ جماعة منهم ومنهنّ منهيّة عن السخريّة.
وإنّما لم يقل : رجل من رجل ، ولا امرأة من امرأة ، على التوحيد ، إعلاما بإقدام غير واحد من رجالهم وغير واحدة من نسائهم على السخريّة ، واستفظاعا للشأن الّذي كانوا عليه. ولأن مشهد الساخر لا يكاد يخلو ممّن يتلهّى ويستضحك على قوله ، ولا يأتي ما عليه من النهي والإنكار ، فيكون شريك الساخر في تحمّل الوزر. وكذلك كلّ من يطرق سمعه فيستطيبه ويضحك به ، فيؤدّي ذلك ـ وإن أوجده واحد ـ إلى تكثّر السخرة.
(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) ولا يغتب بعضكم بعضا ، فإنّ المؤمنين كنفس واحدة. والمعنى : خصّوا أيّها المؤمنون أنفسكم بالانتهاء عن عيبها والطعن فيها ، ولا عليكم أن تعيبوا غيركم ممّن لا يدين بدينكم ولا يسير بسيرتكم. ففي الحديث : «اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس».
وقيل : معناه : ولا تفعلوا ما تلمزون به ، فإنّ من فعل ما استحقّ به اللمز فقد