من الظنّ ما يجب اتّباعه ، كالظنّ حيث لا قاطع فيه ، من العمليّات وحسن الظنّ بالله.
وما يحرم حيث يخالفه قاطع ، كظنّ السوء بالمؤمنين. وما يباح ، كالظنّ في الأمور المعاشيّة ، وفيمن جاهر بين الناس بالخبائث.
(إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) تعليل مستأنف للأمر. والإثم : الذنب الّذي يستحقّ صاحبه العقوبة عليه. والهمزة فيه بدل من الواو. كأنّه يثمّ (١) الأعمال ، أي : يكسر مرتبتها عند الله.
(وَلا تَجَسَّسُوا) ولا تبحثوا عن عورات المسلمين. تفعّل من الجسّ ، باعتبار ما فيه من معنى الطّلب ، كالتلمّس. والمراد : النهي عن تتبّع عورات المسلمين ومعايبهم ، والاستكشاف عمّا ستروه.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه خطب فرفع صوته حتّى أسمع العواتق ـ أي : الشوابّ ـ في خدورهنّ. قال : «يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يخلص الإيمان إلى قلبه ، لا تتّبعوا عورات المسلمين ، فإنّ من تتبّع عوراتهم تتبّع الله عورته حتّى يفضحه ولو في جوف بيته».
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله حرّم من المسلم دمه وعرضه ، وأن يظنّ به ظنّ السوء».
وعن الحسن : إنّ الفاسق إذا أظهر فسقه وهتك ستره هتكه الله ، وإذا استتر لم يظهر الله عليه لعلّه أن يتوب.
وقد روي : «من ألقى جلباب (٢) الحياء فلا غيبة له».
وعن مجاهد : خذوا ما ظهر ، ودعوا ما ستره الله.
وعن أبي قلابة : أنّ أبا محجن الثقفي كان يشرب الخمر في بيته هو وأصحابه ، فانطلق عمر حتّى دخل عليه ، فإذا ليس عنده إلا رجل.
فقال أبو محجن : يا أمير المؤمنين إنّ هذا لا يحلّ لك ، قد نهاك الله تعالى عن
__________________
(١) من : وثم يثم الشيء : كسره ودقّه.
(٢) الجلباب : القميص أو الثوب الواسع.