والقبائل بطون العرب.
(لِتَعارَفُوا) أي : الحكمة الّتي من أجلها رتّبكم على شعوب وقبائل ، هي أن يعرف بعضكم نسب بعض ، فلا يعتزي (١) إلى غير آبائه ، لا أن تتفاخروا بالآباء والأجداد ، وتدّعوا التفاوت والتفاضل في الأنساب والقبائل.
ثمّ بيّن الخصلة الّتي بها يفضل الإنسان غيره ، ويكتسب الشرف والكرم عند الله ، فقال :
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) فإنّ التقوى بها تكمل النفوس ، وتتفاضل بها الأشخاص. فمن أراد شرفا فليلتمسه منها ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من سرّه أن يكون أكرم الناس فليتّق الله». وقال : «أيّها النّاس إنما الناس رجلان : مؤمن تقيّ كريم على الله ، وفاجر شقيّ هيّن على الله».
روي : أنّ رجلا سأل عيسى بن مريم : أيّ الناس أفضل؟ فأخذ قبضتين من تراب ثمّ قال : أيّ هاتين أفضل؟ الناس خلقوا من تراب ، فأكرمهم أتقاهم.
عن أبي بكر البيهقي بالإسناد عن عباية بن ربعي ، عن ابن عبّاس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الله عزوجل جعل الخلق قسمين ، فجعلني في خيرهم قسما. وذلك قوله : «وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال» (٢). فأنا من أصحاب اليمين ، وأنا خير أصحاب اليمين. ثمّ جعل القسمين أثلاثا ، فجعلني في خيرها ثلثا. وذلك قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (٣). فأنا من السابقين ، وأنا خير السابقين. ثمّ جعل الأثلاث قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة. وذلك قوله : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) الآية. فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ، ولا فخر. ثمّ جعل القبائل بيوتا ، فجعلني في خيرها بيتا. وذلك قوله عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
__________________
(١) أي : ينتسب. من : عزى يعزي فلانا إلى فلان : نسبه إليه. واعتزى إليه : انتسب.
(٢) إشارة إلى الآيات ٢٧ و٤١ و٨ ـ ١٠ من سورة الواقعة.
(٣) إشارة إلى الآيات ٢٧ و٤١ و٨ ـ ١٠ من سورة الواقعة.