والأنصار أمر عظيم. فنزلت :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) من آدم وحوّاء. أو خلقنا كلّ واحد منكم من أب وأمّ ، فالكلّ سواء في ذلك ، فلا وجه للتفاخر بالنسب.
وعن مقاتل : لمّا كان يوم فتح مكّة أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلالا حتّى علا ظهر الكعبة وأذّن. فقال عتاب بن أسيد : الحمد لله الّذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام : أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذّنا؟ وقال سهيل بن عمرو : إن يرد الله شيئا يغيّره لغيّره. وقال أبو سفيان : إنّي لا أقول شيئا ، أخاف أن يخبره به ربّ السماء. فأتى جبرئيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره بما قالوا. فدعاهم رسول الله وسألهم عمّا قالوا ، فأقرّوا به. فنزلت هذه الآية. وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والأحساب ، والازدراء بالفقراء ، والتكاثر بالأموال.
وعن ابن عبّاس : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس لمّا قال للرجل الّذي لم يتفسّح له : ابن فلانة. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من الذاكر فلانة؟ فقام ثابت فقال : أنا يا رسول الله. فقال : انظر في وجوه القوم. فنظر إليهم. فقال : ما رأيت يا ثابت؟ قال : رأيت أبيض وأحمر وأسود. قال : فإنّك لا تفضلهم إلا بالتقوى. وهو الّذي نزل فيه قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ) (١) الآية.
وعلى التقادير ؛ يجوز أن تكون هذه الآية تقريرا للأخوّة.
(وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) الشعب : الطبقة الأولى من الطبقات الستّ الّتي عليها العرب. وهي : الشعب ، والقبيلة تجمع العمائر ، والعمارة تجمع البطون ، والبطن تجمع الأفخاذ ، والفخذ تجمع الفصائل. فخزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصيّ بطن ، وهاشم فخذ ، وعبّاس فصيلة. وقيل : الشعوب بطون العجم ،
__________________
(١) المجادلة : ١١.