بما هو أفظع من تعجّبهم ، وهو التكذيب بالحقّ الّذي هو النبوّة الثابتة بالمعجزات ، أو النبيّ ، أو القرآن ، أو الإخبار بالغيب (لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) مضطرب. من : مرج الخاتم في إصبعه. ومنه الهرج والمرج. وذلك قولهم تارة أنّه شاعر ، وتارة أنّه ساحر ، وتارة أنّه كاهن ، لا يثبتون على شيء واحد.
ثمّ أقام سبحانه الدليل على كونه قادرا على البعث ، فقال : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) حين كفروا بالبعث (إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ) إلى آثار قدرة الله في خلق العالم العلوي ، وحسن ترتيبه وانتظامه (كَيْفَ بَنَيْناها) رفعناها بلا عمد (وَزَيَّنَّاها) بالكواكب (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) فتوق وشقوق ، بأن خلقها ملساء سليمة من العيوب ، لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل ، كقوله : (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (١).
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) دحوناها وبسطناها (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) جبالا ثوابت ، ولولا هي لتقلّبت (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) من كل صنف يبتهج ويسرّ به ، لحسنه ونضارته. عن ابن زيد : البهجة الحسن الّذي له روعة عند الرؤية ، كالزهرة والأشجار النضرة والرياض الخضرة.
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى) هما علّتان للأفعال السابقة. والمعنى : فعلنا ما فعلنا من الأفعال المذكورة لنبصّر بها ونذكّر. (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) كلّ عبد راجع إلى ربّه ، متفكّر في بدائع صنعه.
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) مطرا كثير المنافع (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ) بهذا الماء بساتين فيها أشجار تشتمل على أنواع الثمار المستلذّة والفواكه الطيّبة (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) وحبّ الزرع الّذي من شأنه أن يحصد. وهو ما يقتات به ، من نحو البرّ والشعير وغيرهما. والإضافة كإضافة حقّ اليقين ومسجد الجامع.
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) طوالا. وقيل : حوامل ، من : أبسقت الشاة إذا حملت.
__________________
(١) الملك : ٣.