ذو الرمّة : والموت أدنى لي من الوريد. والحبل : العرق ، شبّه بواحد الحبال.
وإضافته للبيان ، كقولهم : بعير سانية (١). والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدّمها ، متّصلان بالوتين ، يردان من الرأس إليه. وقيل : سمّي وريدا لأنّ الروح ترده.
ثمّ ذكر سبحانه أنّه مع علمه به وكلّ به ملكين يحفظان عليه عمله إلزاما للحجّة ، فقال :
(إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) مقدّر بـ «اذكر» أو متعلّق بـ «أقرب» أي : نحن أعلم بحاله من كلّ قريب حين يتلقّى الحفيظان ما يتلفّظ به. والتلقّي : التلقّن بالحفظ والكتبة. وفيه إيذان بأنّه غنيّ عن استحفاظ الملكين ، فإنّه أعلم منهما ، ومطّلع على ما يخفى عليهما ، وكيف لا يستغني عنه وهو مطّلع على أخفى الخفيّات؟ لكنّه لحكمة اقتضته ، وهي ما في كتبة الملكين وحفظهما ، وعرض صحائف الأعمال يوم يقوم الأشهاد ، وعلم العبد بذلك ، مع علمه بإحاطة الله بعمله ، من زيادة لطف له في الانتهاء عن السيّئات والرغبة في الحسنات.
(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) أي : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد من المتلقّيين ، أي : مقاعد ، كالجليس بمعنى المجالس. فحذف الأوّل لدلالة الثاني عليه ، كقوله : فإنّي وقيّار بها لغريب. وقد يطلق الفعيل للواحد والمتعدّد ، كقوله : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (٢). والمراد بالقعيد الملازم الّذي لا يبرح ، لا القاعد الّذي هو ضدّ القائم. وعن الحسن : الحفظة أربعة : ملكان بالنهار ، وملكان بالليل.
(ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) ما يرمي به من فيه (إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ) ملك يرقب عمله (عَتِيدٌ) معدّ حاضر. واختلف فيما يكتب الملكان ، فقيل : يكتبان كلّ شيء حتّى
__________________
(١) السانية : الناقة يستقى عليها من البئر.
(٢) التحريم : ٤.