وتنافي أغراضها ، بطرائق السماوات في تباعدها واختلاف غاياتها.
(يُؤْفَكُ عَنْهُ) يصرف عن الرسول ، أو القرآن ، أو الإيمان (مَنْ أُفِكَ) من صرف الصرف الّذي لا صرف أشدّ منه وأعظم ، فكأنّه لا صرف بالنسبة إليه ، كقوله : لا يهلك على الله إلّا هالك.
وقيل : يصرف عنه من صرف في سابق علم الله ، أي : علم فيما لم يزل أنّه مأفوك عن الحقّ لا يرعوي.
ويجوز أن يكون الضمير للقول ، على معنى : يصدر إفك من أفك عن القول المختلف وبسببه ، كقوله : ينهون عن أكل وعن شرب (١) ، أي : يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب. وحقيقته : يصدر تناهيهم في السمن عنهما. أو لـ «ما توعدون». أو للدّين ، بأن أقسم بالذاريات على أنّ وقوع أمر القيامة حقّ ، ثمّ أقسم بالسماء على أنّهم في قول مختلف في وقوعه ، فمنهم شاكّ ومنهم جاحد ، ثم قال : يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك.
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) الكذّابون المقدّرون ما لا يصحّ ، من أصحاب القول المختلف. واللام إشارة إليهم ، كأنّه قيل : قتل هؤلاء الخرّاصون. وأصله الدعاء عليهم بالقتل والهلاك ، أجري مجرى اللعن ، كقوله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (٢).
(الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ) في جهل يغمرهم (ساهُونَ) غافلون عمّا أمروا به. قيل : إنّ أوّل مراتب الجهل السهو ، ثمّ الغفلة ، ثمّ الغمرة. فتكون الغمرة عبارة عن
__________________
(١) وعجزه : مثل المها يرتعن في خصب.
والمها جمع مهاة ، وهي البقرة الوحشيّة. وخصب المكان خصبا : كثر فيه العشب والخير. يصف الشاعر أضيافا بتناهي سمنهم بسبب الأكل والشرب. وشبّههم بالمها اللّاتي يرتعن في الكلأ والمكان الخصب.
(٢) عبس : ١٧.