(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) عاصين لله ، كافرين لنعمه ، استحقّوا العذاب والهلاك. وأصل الجرم القطع. فالمجرم القاطع للواجب بالباطل. فهؤلاء أجرموا ، بأن قطعوا الإيمان بالكفر. يعنون قوم لوط.
(لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) يريد السجّيل ، فإنّه طين طبخ كما يطبخ الآجرّ حتّى صار في صلابة الحجارة (مُسَوَّمَةً) مرسلة. من : اسيمت الماشية إذا أرسلت للرعي. أو معلمة ، من السومة. وهي العلامة ، على كلّ واحد منها اسم من يهلك به. وقيل : أعلمت بأنّها من حجارة العذاب. وقيل : بعلامة تدلّ على أنّها ليست من حجارة الدنيا. (عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) المجاوزين الحدّ في الفجور. قيل : أرسلت الحجارة على الغائبين ، وقلبت القرية بالحاضرين.
(فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها) في قرى قوم لوط. وإضمارها ، ولم يجر ذكرها ، لكونها معلومة. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ممّن آمن بلوط. وذلك قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) (١) الآية. وذلك أنّ الله تعالى أمر لوطا بأن يخرج هو ومن معه من المؤمنين لئلّا يصيبهم العذاب.
(فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ) غير أهل بيت (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قيل : هم لوط وابنتاه. وقيل : أهل بيته الّذين نجوا ثلاثة عشر. واستدلّ به على اتّحاد الإسلام والإيمان. وهو ضعيف ، لأنّ ذلك لا يقتضي إلّا صدق المؤمن والمسلم على من اتّبعه ، وذلك لا يقتضي اتّحاد مفهوميهما ، لجواز صدق المفهومات المختلفة على ذات واحدة.
(وَتَرَكْنا فِيها) وأبقينا في قرى قوم لوط (آيَةً) علامة (لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) أي : علامة تدلّ على أنّ الله أهلكهم ، فيخافون مثل عذابهم ، فإنّهم المعتبرون بها دون القاسية قلوبهم. وهي تلك الأحجار ، أو صخرة منضودة فيها ، أو ماء أسود منتن.
__________________
(١) هود : ٨١.