(أَوْ مَجْنُونٌ) كأنّه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوبا إلى الجنّ ، وتردّد في أنّه حصل ذلك باختياره وسعيه أو بغيرهما.
(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ) فأغرقناهم في البحر (وَهُوَ مُلِيمٌ) آت بما يلام عليه من الكفر والعناد. والجملة حال من الضمير في «فأخذناه».
(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) أي : الريح الّتي لا خير فيها ، وعقمت عن أن تأتي بخير ، من تنشئة سحاب ، أو تلقيح شجر ، أو تذرية طعام ، أو نفع حيوان ، فهي كالمرأة الممنوعة عن الولادة. أو هي ريح الهلاك. وسمّاها عقيما إمّا لأنّها قطعت دابرهم ، أو لأنّها لم تتضمّن منفعة.
وعن ابن عبّاس : هي الدبور. وعن ابن المسيّب : هي الجنوب. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : هي النكباء (١).
(ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ) ما تترك هذه الرّيح شيئا مرّت عليه (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) كالشيء الهالك البالي. وهو نبات الأرض إذا يبس وديس. من : رمّ إذا بلى وتفتّت.
(وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) تفسيره قوله : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) (٢).
(فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) فاستكبروا عن امتثاله (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) أي : العذاب بعد الثلاث. وقرأ الكسائي : الصعقة. وهي المرّة ، من مصدر : صعقتهم الصاعقة. والصاعقة : النازلة نفسها. (وَهُمْ يَنْظُرُونَ) إليها ، فإنّها جاءتهم معاينة بالنهار. روي : أنّ العمالقة كانوا معهم في الوادي ينظرون إليهم وما ضرّتهم.
__________________
(١) ريح نكباء : انحرفت عن مهابّ الرياح ووقعت بين ريحين ، مثلا بين الصبا والشمال.
(٢) هود : ٦٥.