بالأجرة ، أو محتطب ، أو محتشّ (١) ، أو مستق ، أو طابخ ، أو خابز ، وما أشبه ذلك من الأعمال والمهن الّتي هي تصرّف في أسباب المعيشة وأبواب الرزق. فأمّا مالك ملك العبيد وقال لهم : اشتغلوا بما يسعدكم في أنفسكم ، ولا أريد أن أصرفكم في تحصيل رزقي ولا رزقكم ، وأنا غنيّ عنكم وعن مرافقكم ، ومتفضّل عليكم برزقكم وبما يصلحكم ويعيشكم من عندي ، فما هو إلّا أنا وحدي ، حيث قال عزّ اسمه : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) الّذي يرزق كلّ ما يفتقر إلى الرزق. وفيه إيماء باستغنائه عنه. (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) شديد القوّة ، أي : البليغ الاقتدار على كلّ شيء.
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً) أي : للّذين ظلموا رسول الله بالتكذيب نصيبا من العذاب (مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) مثل نصيب نظرائهم من الأمم السّالفة الّذين أهلكوا ، مثل قوم نوح وعاد وثمود. وهو مأخوذ من مقاسمة السقّاء الماء بالدلاء ، فإنّ الذنوب هو الدلو العظيم المملوء. (فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) جواب لقولهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢).
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) من يوم القيامة ، أو يوم بدر. والويل كلمة يقولها العرب لكلّ من وقع في الهلكة.
__________________
(١) احتشّ الحشيش : سعى في طلبه وجمعه.
(٢) يس : ٤٨.