العذاب (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) لا يمنعون من عذاب الله.
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) يحتمل العموم والخصوص (عَذاباً دُونَ ذلِكَ) دون عذاب الآخرة. وهو عذاب القبر ، أو المؤاخذة في الدنيا ، كقتلهم ببدر ، والقحط سبع سنين. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ما هو نازل بهم.
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) بإمهالهم وإبقائك في عنائهم وأذاهم حتّى يرد أمر الله بتخليصك (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) في حفظنا بحيث نراك ونكلؤك ، فلا يصلون إلى شيء ممّا أرادوا عليك. وجمع العين لجمع الضمير ، والمبالغة بكثرة أسباب الحفظ.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) من أيّ مكان تقوم ، أو من مكان قومك. أو حين تقوم إلى الصلاة ، فقل : سبحانك اللهمّ وبحمدك. أو من مجلسك فقل : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، لا إله إلّا أنت ، اغفر لي وتب عليّ. وهو المرويّ عن عطاء وسعيد بن جبير. وقد روي مرفوعا : أنّه كفّارة المجلس.
وعن عليّ عليهالسلام : «من أحبّ أن يكتال بالمكيال الأوفى ، فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) (١) إلى آخر السورة» (٢).
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) فإنّ العبادة فيه أشقّ على النفس وأبعد من الرياء ، ولذلك أفرده بالذكر ، وقدّمه على الفعل.
وروى زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام في هذه الآية ، قالا : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقوم من الليل ثلاث مرّات ، فينظر في آفاق السماء ، ويقرأ الخمس من آل عمران الّتي آخرها (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٣) ، ثمّ يفتتح صلاة الليل».
__________________
(١) الصافّات : ١٨٠.
(٢) هذه الرواية في فضائل سورة الصافّات ، ولعلّ المؤلّف نقلها لمناسبتها للمقام.
(٣) آل عمران : ١٩٤.