الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى جبرئيل وله ستّمائة جناح» (١).
وقيل : استوى بمعنى : استولى بقوّته على ما جعل له من الأمر.
(وَهُوَ) جبرئيل (بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) أفق السماء من جانب المشرق ، فإنّه فوق جانب المغرب في صعيد الأرض.
(ثُمَّ دَنا) من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَتَدَلَّى) فتعلّق عليه في الهواء. وقيل : تدلّى من الأفق الأعلى ، فدنا من الرسول من غير أن ينفصل من محلّه. وفيه تقرير لشدّة قواه ، فإنّ التدلّي استرسال مع تعلّق ، كتدلّي الثمرة. ويقال : دلى رجليه من السرير ، وأدلى دلوه. والدوالي : الثمر المعلّق.
(فَكانَ) جبرئيل (قابَ قَوْسَيْنِ) مقدارهما ، فإنّ القاب والقيب والقاد والقيد والقيس : المقدار. وقد جاء التقدير بالقوس ، والرمح ، والسوط ، والذراع ، والباع ، والخطوة ، والشبر ، والفتر ، والإصبع. وفي الحديث : «لقاب قوس أحدكم من الجنّة وموضع قدّه خير من الدنيا وما فيها».
والقدّ : السوط. وفي الكلام حذف ، تقديره : فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين ، فحذفت هذه المضافات. (أَوْ أَدْنى) على تقديركم ، كقوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) (٢). والمقصود تمثيل شدّة الاتّصال وتحقيق استماعه لما أوحي إليه بنفي البعد الملبس.
(فَأَوْحى) جبرئيل (إِلى عَبْدِهِ) عبد الله. وإضماره قبل الذكر لكونه معلوما لا لبس فيه ، كقوله : (عَلى ظَهْرِها) (٣). (ما أَوْحى) جبرئيل. وفيه تفخيم للموحى به. وقيل : ضمير «ما أوحى» لله تعالى. والمعنى : فأوحى جبرئيل إلى عبد الله محمّد ما أوحى الله تعالى إليه.
__________________
(١) صحيح البخاري ٦ : ١٧٦ ، صحيح مسلم ١ : ١٥٨ ح ٢٨٠.
(٢) الصافّات : ١٤٧.
(٣) فاطر : ٤٥.