ببصره ، ولم يشكّ في أنّ ما رآه حقّ.
وقيل : ما كذب ما رآه بقلبه. والمعنى : أنّه لم يكن تخيّلا كاذبا. ويدلّ عليه : «أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل : هل رأيت ربّك؟ فقال : رأيته بفؤادي».
وعن ابن عبّاس أيضا : أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى ربّه بفؤاده. وروي ذلك عن محمد بن الحنفيّة ، عن أبيه عليّ عليهالسلام.
وهذا يكون بمعنى العلم ، أي : علّمه علما يقينا بما رآه من الآيات الباهرات ، كقول إبراهيم عليهالسلام : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١). وإن كان عالما قبل ذلك.
وقيل : إنّ الّذي رآه هو ما رأى من ملكوت الله تعالى وأجناس مقدوراته.
وعن أبي العالية قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هل رأيت ربّك ليلة المعراج؟
قال : رأيت نهرا ، ورأيت وراء النهر حجابا ، ورأيت وراء الحجاب نورا ، لم أر غير ذلك».
وروي عن أبي ذرّ وأبي سعيد الخدري : «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن قوله : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) قال : «رأيت نورا». وروي ذلك عن مجاهد.
وذكر الشعبي عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ محمّدا رأى ربّه.
قال الشعبي : وأخبرني مسروق قال : سألت عائشة عن ذلك. فقالت : إنّك لتقول قولا إنّه ليقف شعري منه.
قلت : رويدا يا أمّ المؤمنين ، وقرأت عليها (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) حتّى انتهيت إلى قوله : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).
فقالت : رويدا أنّى يذهب بك ، إنّما رأى جبرئيل في صورته. من حدّثك أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى ربّه فقد كذب ، والله تعالى يقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
__________________
(١) البقرة : ٢٦٠.