حذف معناه : فاستجبنا لنوح دعاءه ، ففتحنا أبواب السماء (بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) أي : أجرينا من السماء ماء منصبّا في فرط كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوما ، كجريانه بدفع شديد إذا فتح عنه باب كان مانعا له. وقرأ ابن عامر ويعقوب : ففتّحنا بالتشديد ، لكثرة الأبواب.
(وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) وجعلنا الأرض كلّها كأنّها عيون متفجّرة. وأصله : وفجّرنا عيون الأرض ، فغيّر للمبالغة. (فَالْتَقَى الْماءُ) ماء السماء وماء الأرض (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) على حال قدّرها الله في الأزل من غير تفاوت. أو على حال قدّرت وسوّيت ، وهو أن قدّر ما أنزل من السماء على قدر ما أخرج من الأرض سواء بسواء. أو على أمر قد قدّر في اللوح أنّه يكون ، وهو هلاك قوم نوح بالطوفان.
(وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ) ذات أخشاب عريضة (وَدُسُرٍ) ومسامير.
جمع دسار ، وهو فعال من : دسره إذا دفعه ، فإنّه يدسر به منفذه. ومصدره الدسر ، وهو الدفع الشديد. وهي صفة للسفينة أقيمت مقامها ، من حيث إنّها كالشرح لها تؤدّي مؤدّاها.
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) بمرأى منّا ، أي : محفوظة بحفظنا. ومنه قولهم : عين الله عليك. وقيل : معناه : بأعين أوليائنا ومن وكّلناهم بها من الملائكة. وقيل : معناه : تجري بأعين الماء الّتي انبعناها. (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) أي : فعلنا ذلك جزاء لنوح.
وجعله مكفورا لأنّه نعمة كفروها ، فإنّ كلّ نبيّ نعمة من الله ورحمة على أمّته. ويجوز أن يكون على حذف الجارّ وإيصال الفعل إلى الضمير ، تقديره : لمن كان كفر به.
(وَلَقَدْ تَرَكْناها) أي : السفينة ، أو الفعلة (آيَةً) يعتبر بها ، إذ شاع خبرها واشتهر. وعن قتادة : أبقاها الله بأرض الجزيرة ـ وقيل : على الجوديّ ـ دهرا طويلا حتّى نظر إليها أوائل هذه الأمّة. (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) معتبر.