(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) بالإنذارات والمواعظ الّتي جاءهم بها صالح. أو بالرسل المنذرين بسبب تكذيبهم صالحا ، لأنّ تكذيب واحد من الرسل كتكذيب الجميع ، لأنّهم متّفقون في الدعاء إلى التوحيد وإن اختلفوا في الشرائع.
(فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا) من جنسنا ، أو من جملتنا ، لا فضل له علينا. وانتصابه بفعل يفسّره ما بعده. (واحِداً) منفردا لا تبع له. أو من آحادهم دون أشرافهم.
(نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) جمع سعير. كأنّهم عكسوا عليه ، فرتّبوا على اتّباعهم إيّاه ما رتّبه على ترك اتّباعهم له. وقيل : السعر الجنون. ومنه : ناقة مسعورة.
(أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ) الكتاب ، أو الوحي (عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) هذا استفهام إنكار وجحود ، أي : كيف ألقي الوحي عليه وخصّ بالنبوّة وفينا من هو أحقّ منه بالاختيار للنبوّة؟! (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) بطر متكبّر ، حمله بطره على الترفّع والتعظّم علينا بادّعاء ذلك.
ثمّ قال سبحانه وعيدا لهم : (سَيَعْلَمُونَ غَداً) أي : عند نزول العذاب بهم ، أو يوم القيامة. وإنّما قال : «غدا» على وجه التقريب ، على عادة الناس في ذكرهم الغد وإرادتهم العاقبة ، فقالوا : إنّ مع اليوم غدا. (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) الّذي حمله أشره على الاستكبار عن الحقّ وطلب الباطل ، أصالح عليهالسلام أم من كذّبه؟! وقرأ ابن عامر وحمزة ورويس : ستعلمون ، على الالتفات ، أو حكاية ما أجابهم به صالح.
(إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ) مخرجوها وباعثوها معجزة لصالح. وهاهنا حذف ، وهو أنّهم تعنّتوا على صالح عليهالسلام ، فسألوه أن يخرج لهم من صخرة ناقة حمراء عشراء (١) ، تضع ثم ترد ماءهم فتشربه ثمّ تعود عليهم بمثله لبنا. فقال سبحانه : إنّا
__________________
(١) العشراء : الناقة الّتي مضى لحملها عشرة أشهر ، وهي كالنفساء من النساء.