(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (١). وقوله : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) (٢). واللام مثلها في قوله : (قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٣) أي : ليس لأجل وقعتها نفس تكذّبها ، فإنّ من أخبر عنها صدق.
أو ليس لها حينئذ نفس تحدّث صاحبها بإطاقة شدّتها واحتمالها ، وتغريه عليها. من قولهم : كذّبت فلانا نفسه في الخطب العظيم ، إذا شجّعته على مباشرته وقالت له : إنّك تطيقه وما فوقه ، فتعرّض له ولا تبال به. على معنى : أنّها
وقعة لا تطاق شدّة وفظاعة ، وأن لا نفس حينئذ تحدّث صاحبها بما تحدّثه به عند عظائم الأمور ، وتزيّن له احتمالها وإطاقتها ، لأنّهم يومئذ أضعف من ذلك وأذلّ. ألا ترى إلى قوله : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) (٤) ، والفراش مثل في الضعف.
وقيل : كاذبة مصدر ـ كالعاقبة ـ بمعنى التكذيب.
(خافِضَةٌ رافِعَةٌ) أي : هي تخفض قوما ، وترفع قوما آخرين. وهو تقرير لعظمتها ، ووصف لها بالشدّة ، فإنّ الوقائع العظام يرتفع فيها ناس ويتّضع ناس. أو بيان لما يكون حينئذ من خفض أعداء الله إلى الدركات ، ورفع أوليائه إلى الدرجات. والمعنى : أنّها تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين ، وتجعلهم أذلّة بإدخالهم النار ، وترفع رجالا كانوا في الدنيا أذلّة ، وتجعلهم أعزّة بإدخالهم الجنّة. أو إزالة الأجرام عن مقارّها ، بنثر الكواكب وتسيير الجبال في الجوّ.
(إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) حرّكت تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل. والظرف متعلّق بـ «خافضة» أي : تخفض وترفع وقت رجّ الأرض وبسّ الجبال ، لأنّ عند ذلك ينخفض ما هو مرتفع ويرتفع ما هو منخفض. أو
__________________
(١) الشعراء : ٢٠١.
(٢) الحجّ : ٥٥.
(٣) الفجر : ٢٤.
(٤) القارعة : ٤.