تأكيد بـ : نحن ، كما حسن في قوله : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (١) للفصل بـ «لا» المؤكّدة للنفي. وقرأ نافع وابن عامر : «أو» بالسكون. وقد سبق مثله (٢). والعامل في الظرف ما دلّ عليه «مبعوثون» ، لا هو ، للفصل بـ «إنّ» والهمزة.
(قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) إلى ما وقّتت به الدنيا ـ أي : حدّت ـ من يوم معيّن عند الله معلوم له. وهو يوم القيامة. ومنه : مواقيت الإحرام. وهي الحدود الّتي لا يتجاوزها من يريد دخول مكّة إلّا محرما. والإضافة بمعنى «من» كخاتم فضّة.
(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ) عن طريق الحقّ (الْمُكَذِّبُونَ) بتوحيد الله ونبوّة نبيّه وبالبعث. والخطاب لأهل مكّة وأضرابهم. (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) «من» الأولى للابتداء ، والثانية للبيان (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) من شدّة الجوع.
(فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) لغاية العطش. وتأنيث الضمير في «منها» وتذكيره في «عليه» على معنى الشجر ولفظه. (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) الإبل الّتي بها الهيام. وهو داء يشبه الاستسقاء ، فلا تزال تشرب الماء حتّى تموت. والمعنى : كشرب الإبل الّتي لا تروى بالماء. جمع أهيم وهيماء.
وقيل : الرمال ، على أنّه جمع هيام بالفتح. وهو الرمل الّذي لا يتماسك. جمع على هيم ، كسحاب وسحب ، ثمّ خفّف وفعل به ما فعل بجمع أبيض. والمعنى : أنّه يسلّط عليهم من الجوع ما يضطرّهم إلى أكل الزقّوم الّذي هو كالمهل ، فإذا ملئوا منهم البطون يسلّط عليهم من العطش ما يضطرّهم إلى شرب الحميم الّذي يقطع أمعاءهم ، فيشربونه شرب الهيم.
والمعطوف أخصّ من الآخر ، من حيث إنّ كونهم شاربين للحميم على ما هو
__________________
(١) الأنعام : ١٤٨.
(٢) راجع ج ٥ ص ٥٤٥ ، ذيل الآية ١٧ من سورة الصافّات.