من زوال أثرها ، والدلالة على وجود مؤثّر لا يزول تأثيره. أو بمنازلها ومجاريها.
ولعلّ لله سبحانه في آخر الليل إذا انحطّت النجوم إلى المغرب أفعالا مخصوصة عظيمة ، أو للملائكة عبادات موصوفة ، أو لأنّه وقت قيام المتهجّدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين ، ونزول الرحمة والرضوان عليهم.
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنّ مواقع النجوم رجومها للشياطين».
وقيل : النجوم نجوم القرآن ، ومواقعها أوقات نزولها.
وقرأ حمزة والكسائي : بموقع النّجوم.
ثم استعظم ذلك القسم بقوله : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة ، ومن مقتضيات رحمته أن لا يترك عباده سدى. وهو اعتراض في اعتراض ، فإنّه اعتراض بين المقسم والمقسم عليه ، أعني : قوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). و (لَوْ تَعْلَمُونَ) اعتراض بين الموصوف والصفة.
(إِنَّهُ) إنّ الّذي تلوناه عليك (لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) كثير النفع ، لاشتماله على أصول العلوم المهمّة في إصلاح المعاد والمعاش. أو حسن مرضيّ في جنسه من الكتب. أو كريم على الله. (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) أثبت في كتاب مصون محفوظ ، وهو اللوح.
(لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أي : لا يطّلع على اللوح إلّا المطهّرون من الكدورات الجسمانيّة ، وهم الملائكة. هذا إن جعلت الجملة صفة لـ «كتاب مكنون». وإن جعلت صفة للقرآن ، فالمعنى : لا ينبغي أن يمسّ القرآن ـ أي : مكتوبه إلّا المطهّرون من الأحداث الكبرى والصغرى. وهذا مرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام ، وعطاء ، وطاووس ، وسالم. وهو مذهب مالك والشافعي أيضا. فيكون النفي بمعنى النهي. أو لا يطلبه إلّا المطهّرون من الكفر.