منصوبا.
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ظرف لقوله : (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) أو «فيضاعفه». أو مقدّر بـ : اذكر ، تعظيما لذلك اليوم. (يَسْعى نُورُهُمْ) ما يوجب نجاتهم وهدايتهم إلى الجنّة وهم يمرّون فيه.
قال قتادة : إنّ المؤمن يضيء له نور كما بين عدن إلى صنعاء ودون ذلك ، حتّى إنّ من المؤمن من لا يضيء له نوره إلّا موضع قدميه.
وقال عبد الله بن مسعود : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من نوره مثل الجبل ، وأدناهم نورا من نوره على إبهامه ، يطفأ مرّة ويقد أخرى.
ويخصّص ذلك النور بقوله : (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) لأنّ السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين ، كما أنّ الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ومن وراء ظهورهم. فجعل النور في الجهتين شعارا لهم وعلامة ، لأنّهم هم الّذين بحسناتهم سعدوا ، وبصحائفهم البيض أفلحوا ، فإذا ذهب بهم إلى الجنّة ومرّوا على الصراط يسعون ، وسعى بسعيهم ذلك النور جنيبا لهم ومتقدّما.
ويقول لهم الّذين يتلقّونهم من الملائكة : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ) أي : المبشّر به في هذا اليوم (جَنَّاتٌ) أو بشراكم دخول جنّات (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم من النور والبشرى بالجنّات المخلّدة (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
ثمّ ذكر حال المنافقين في ذلك اليوم ، فقال : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ) بدل من «يوم ترى» (لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا) انتظرونا ، فإنّهم يسرع بهم إلى الجنّة كالبرق الخاطف على ركاب تزفّ بهم ، وهؤلاء مشاة. أو انظروا إلينا ، لأنّهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم ، فيستضيئون بنور بين أيديهم. وقرأ حمزة : أنظرونا ، من النظرة ، وهي الإمهال. جعل اتّئادهم (١) في المضيّ إلى أن
__________________
(١) أي : تمهّلهم وتأنّيهم.