المتعلّقة بها أمور خياليّة قليلة النفع سريعة الزوال ، لأنّها لعب يتعب الناس فيه أنفسهم جدّا ، إتعاب الصبيان في الملاعب من غير فائدة (وَلَهْوٌ) يلهون به أنفسهم عمّا يهمّهم من الأمور الأخرويّة (وَزِينَةٌ) يتزيّنون بها ، كالملابس الحسنة ، والمراكب البهيّة ، والمنازل الرفيعة (وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ) بالأنساب والعدد والعدد (وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ).
ثمّ مثّل لها في سرعة تقضّيها وقلّة جدواها بقوله : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) أي : نبات أنبته المطر فاستوى بحيث أعجب الحرّاث. أو الكافرون بالله ، لأنّهم أشدّ إعجابا بزينة الدنيا. ولأنّ المؤمن إذا رأى معجبا انتقل فكره إلى قدرة صانعه فأعجب بها ، والكافر لا يتخطّى فكره عمّا أحسّ به ، فيستغرق فيه إعجابا (ثُمَّ يَهِيجُ) ييبس بعاهة وآفة (فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) يتحطّم ويتكسّر بعد يبسه. وشرح هذا المثل قد تقدّم في سورة يونس (١).
(وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) لأعداء الله ، تنفيرا عن الانهماك في الدنيا ، وحثّا على ما يوجب كرامة العقبى. ثمّ أكّد ذلك بقوله : (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) لأولياء الله (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) أي : لمن أقبل عليها ، ولم يطلب بها الآخرة.
ثمّ رغّب سبحانه في المسابقة لطلب الجنّة ، فقال : (سابِقُوا) وسارعوا مسارعة السابقين في المضمار (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) إلى موجباتها من الأعمال الصالحة (وَجَنَّةٍ) وسابقوا إلى استحقاق ثواب جنّة هذه صفتها (عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وإذا كان العرض كذلك فما ظنّك بالطول؟! وقيل : طولها لا يعلمه إلّا الله.
وقيل : المراد به البسطة ، كقوله : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) (٢).
__________________
(١) راجع ج ٣ ص ٢٠٢ ، ذيل الآية ٢٤. من سورة يونس.
(٢) فصّلت : ٥١.