ذكر وصفه خير (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) أي : قائم بوظائف الطاعات ، دائم على رسوم العبادات (آناءَ اللَّيْلِ) ساعاته. وقرأ الحجازيّان وحمزة بتخفيف الميم ، أي : أمّن هو قانت لله كمن جعل له أندادا؟! (ساجِداً) تارة في الصلاة (وَقائِماً) اخرى فيها. وهما حالان من ضمير «قانت». يعني : من صلّى صلاة الليل ويقنت في الوتر. وهو دعاء المصلّي قائما. وفي الحديث : «أفضل الصلاة طول القنوت».
(يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) عذابها (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي : يتردّد بين الخوف والرجاء. وهما في موضع الحال ، أو استئناف للتعليل.
ثمّ نفى استواء الفريقين باعتبار القوّة العلميّة ، بعد نفي استوائهما باعتبار القوّة العمليّة ، على وجه أبلغ ، لمزيد فضل العلم ، فقال :
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وأراد بالّذين يعلمون العاملين من علماء الديانة ، فكأنّه جعل من لا يعمل غير عالم. وفيه ازدراء عظيم بالّذين يقتنون العلوم ، ثمّ لا يقتنون ويفتنون ، ثمّ يفتنون بالدنيا ، فهم عند الله جهلة ، حيث جعل القانتين هم العالمين المتقنين.
وقيل : هذا تقرير للأوّل على سبيل التشبيه ، أي : كما لا يستوي العالمون والجاهلون ، لا يستوي القانتون والعاصون.
(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) بأمثال هذه البيانات.
روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «نحن الّذين يعلمون ، وعدوّنا الّذين لا يعلمون ، وشيعتنا أولو الألباب».
(قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠)