(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) لأنّه حين الاضطرار زال ما ينازع العقل في الدلالة على أنّ مبدأ الكلّ منه (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أعطاه. من الخول ، وهو التعهّد ، من قولهم : هو خائل مال وخال مال ، إذا كان متعهّدا له حسن القيام به.
ومنه : ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان يتخوّل أصحابه بالموعظة.
أو من الخول ، وهو الافتخار. يقال : خال يخول إذا اختال وافتخر.
(نِعْمَةً مِنْهُ) من الله ، كالصّحة والثروة والأمن (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ) أي : الضرّ الّذي كان يدعو الله إلى كشفه. أو ربّه الّذي كان يتضرّع إليه. فـ «ما» بمعنى «من» كما في قوله : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (١). (مِنْ قَبْلُ) من قبل النعمة (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) أي : سمّى له أمثالا في توجيه عبادته إليها من الأصنام والأوثان (لِيُضِلَ) ليضلّ الناس (عَنْ سَبِيلِهِ) عن دينه.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وورويس بفتح الياء ، أي : يضلّ هو عن الدين. يعني : أنّ نتيجة جعله لله أندادا ضلاله عن سبيل الله أو إضلاله.
(قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) أمر تهديد. وفيه إشعار بأنّ الكفر نوع تشهّ لا سند له. وإقناط للكافر من التمتّع في الآخرة. ولذلك علّله بقوله : (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) على سبيل الاستئناف للمبالغة. وهذا من باب الخذلان والتخلية. كأنّه قيل له : إذ قد أبيت قبول ما أمرت به من الإيمان والطاعة ، فمن حقّك أن لا تؤمر به بعد ذلك ، وتؤمر بتركه ، مبالغة في خذلانه وتخليته وشأنه ، لأنّه لا مبالغة في الخذلان أشدّ من أن يبعث على عكس ما أمر به. ونظيره في المعنى قوله : (مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) (٢).
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) «أم» متّصلة بمحذوف ، تقديره : أَهذا الكافر الّذي
__________________
(١) الليل : ٣.
(٢) آل عمران : ١٩٧.