مجلس رسول الله ، أو الجيش ، فيشمل مجلس القتال. وهي مراكز الغزاة ، كقوله : (مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) (١) وغيرها. ويدلّ عليه قراءة عاصم بالجمع. (فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) فيما تريدون التفسّح فيه ، من المكان والرزق والصدر والقبر والجنّة وغيرها.
(وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا) ارتفعوا وانهضوا للتوسعة على المقبلين. وقيل : لما أمرتم به ، كصلاة أو جهاد. وقيل : وردت في قوم كانوا يطيلون المكث عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيكون كلّ واحد منهم يحبّ أن يكون آخر خارج ، فنزلت فيهم : (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا). (فَانْشُزُوا). وقرأ نافع وابن عامر وعاصم بضمّ الشين فيهما.
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) بالنصر وحسن الذكر في الدنيا ، وإيوائهم غرف الجنان في الآخرة (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ويرفع العلماء خاصّة (دَرَجاتٍ) عالية ومراتب غالية في الدارين بما جمعوا من العلم والعمل ، فإنّ العلم مع علوّ درجته يقتضي العمل المقرون به مزيد رفعة ، ولذلك يقتدى بالعالم في أفعاله ، ولا يقتدى بغيره. وقيل : درجات في مجلس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأمره الله سبحانه أن يقرّب العلماء من نفسه فوق المؤمنين الّذين لا يعلمون العلم ، ليبيّن فضل العلماء على غيرهم.
وفي هذه الآية دلالة على فضل العلماء وجلالة قدرهم. وقد ورد في الحديث أنّه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فضل العالم على الشهيد درجة ، وفضل الشهيد على العابد درجة ، وفضل النبيّ على العالم درجة ، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ، وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناهم».
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب».
وعنه بين العالم والعابد مائة درجة ، بين كلّ درجتين حضر (٢) الجواد المضمر سبعين سنة».
__________________
(١) آل عمران : ١٢١.
(٢) الحضر : الاسم من : أحضر الفرس : عدا شديدا ، أي : ركض.