أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) فلا يلزم التكرير.
(قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ) الكاملين في الخسران ، الجامعين لوجوهه وأسبابه (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) لوقوعها في هلكة لا هلكة بعدها بسبب الضلال (وَأَهْلِيهِمْ) وخسروهم بالإضلال كما خسروا أنفسهم بالضلال (يَوْمَ الْقِيامَةِ) حين يدخلون النار بدل الجنّة.
وقيل : وخسروا أهليهم ، لأنّهم إن كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم ، وإن كانوا من أهل الجنّة فقد ذهبوا عنهم ذهابا لا رجوع بعده إليهم ، فلا ينتفعون بأنفسهم ، ولا يجدون في النار أهلا كما كان لهم في الدنيا أهل ، فقد فاتتهم المنفعة بأنفسهم وأهليهم.
وعن ابن عبّاس : إنّ الله تعالى جعل لكلّ إنسان في الجنّة منزلا وأهلا ، فمن عمل بطاعته كان له ذلك ، ومن عصاه دفع منزله إلى من أطاع. فذلك قوله. (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) (١) الآية.
(أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) مبالغة في خسرانهم ، حيث استأنف الجملة ، وصدّرها بحرف التنبيه ، ووسّط الفصل بين المبتدإ والخبر ، وعرّف الخسران ، ووصفه بالمبين.
ثمّ شرح كمال خسرانهم بقوله : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ) أي : أطباق وسرادقات (٢) (مِنَ النَّارِ) ودخانها (وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) من النار ، هي ظلل للآخرين ، فإنّ النار أدراك (ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ) ذلك العذاب هو الّذي يخوّفهم به ، ليجتنبوا ما يوقعهم فيه (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) ولا تتعرّضوا لما يوجب سخطي. وهذه نصيحة بالغة ، وعظة بليغة من الله سبحانه.
__________________
(١) المؤمنون : ١٠.
(٢) سرادقات جمع سرادق : الفسطاط الّذي يمدّ فوق صحن البيت ، أو الخيمة.