نفسه إلى التوحيد بلج (١) اليقين ، قال عقيب ذلك :
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) أَفمن عرف الله أنّه من أهل اللطف به ، بنصب الأدلّة وإزاحة العلّة ، حتّى انشرح صدره ووسع قلبه لقبول الإسلام بيسر ، فثبت عليه وتمكّن فيه (فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) يعني : المعرفة والاهتداء إلى الحقّ ، كمن لا لطف له ، فهو حرج الصدر قاسي القلب. ونور الله هو لطفه ، لأنّ به يعرف الحقّ ، كما بالنور تعرف أمور الدنيا.
وقرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآية ، فقيل : يا رسول الله كيف انشراح الصدر؟ قال : «إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح. فقيل : يا رسول الله فما علامة ذلك؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهّب للموت قبل نزوله».
ودلّ على حذف خبر «من» : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) من أجل ذكره وبسببه. يعني : إذا ذكر الله عندهم أو آياته اشمأزّت قلوبهم وازدادت قساوة ، كقوله : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) (٢). وهذا المعنى أبلغ من أن يكون «عن» مكان «من» ، لأنّ القاسي من أجل الشيء أشدّ تأبّيا عن قبوله من القاسي عنه لسبب آخر ، ولهذا آثر «من» على «عن». وللمبالغة في وصف أولئك بالقبول وهؤلاء بالامتناع ، ذكر شرح الصدر ، وأسنده إلى الله ، وقابله بقساوة القلب ، وأسنده إليهم.
(أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) يظهر ضلالهم للناظر بأدنى نظر. والآية نزلت في حمزة وعليّ وأبي لهب وولده.
__________________
(١) بلج الحقّ بلجا : وضح وظهر.
(٢) التوبة : ١٢٥.