كذبوا على الله وكذّبوا بالصدق. أو لجنس الكفرة. واستدلّ به على تكفير المبتدعة ، فإنّهم يكذّبون بما علم صدقه. وهو ضعيف ، لأنّه مخصوص بمن فاجأ ما علم مجيء الرسول به بالتكذيب بلا تفكّر فيه وتمييز.
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، جاء بالحقّ وآمن به.
والمراد هو ومن تبعه ، لقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) كما في قوله (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (١). أو المراد جنس الرسل والمؤمنين.
وقيل : الّذي جاء بالصدق محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وصدّق به عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
وهذا منقول عن مجاهد. ورواه الضحّاك عن ابن عبّاس. وهو المرويّ عن أئمّة الهدى من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) من الثواب وأنواع النعيم في الجنّة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) ينالونه من جهته (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) على إحسانهم.
(لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) خصّ الأسوأ للمبالغة ، فإنّه إذا كفّر كان غيره أولى بذلك. أو للإشعار بأنّهم لاستعظامهم الذنوب يحسبون أنّهم مقصّرون مذنبون ، وأنّ ما يفرط منهم من الصغائر أسوأ ذنوبهم. ويجوز أن يكون من قبيل إضافة الشيء إلى ما هو بعضه من غير تفضيل. فيكون الأسوأ بمعنى السيّء ، كقولهم : الناقص والأشجّ أعدلا بني مروان ، يعني : عمر بن عبد العزيز ومحمّد بن الخليفة عدلان من بينهم.
(وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ) ويعطيهم ثوابهم (بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) فتعدّ لهم محاسن أعمالهم بأحسنها ، في زيادة الأجر وعظمه ، لفرط إخلاصهم فيها.
والمعنى : يجزيهم ثوابهم بالفرائض والنوافل. فهي أحسن أعمالهم ، لأنّ المباح وإن كان حسنا فلا يستحقّ به ثواب ولا مدح.
__________________
(١) المؤمنون : ٤٩.