وإذا قلت : زيد ميّت ، فكما تقول : حيّ ، في نقيضه ، فيما يرجع إلى اللزوم والثبوت.
(ثُمَّ إِنَّكُمْ) على تغليب المخاطب على الغيّب (يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) فتحتجّ عليهم بأنّك كنت على الحقّ في التوحيد ، وكانوا على الباطل في التشريك ، واجتهدت في الإرشاد والتبليغ ، ولجّوا في التكذيب والعناد ، ويعتذرون بالأباطيل الّتي لا طائل تحته ، بأن يقول الأتباع : أطعنا سادتنا وكبراءنا ، ويقول السادات : أغوتنا الشياطين وآباؤنا الأقدمون.
وقيل : المراد به اختصام الجميع ، فإنّ الكفّار يخاصم بعضهم بعضا ، حتّى يقال لهم : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) (١). والمؤمنون الكافرين ، يبكّتونهم بالحجج. وأهل القبلة يكون بينهم الخصام.
وقال أبو سعيد الخدري : كنّا نقول : ربّنا واحد ، ونبيّنا واحد ، وديننا واحد ، فما هذه الخصومة؟ فلمّا كان يوم صفّين ، وشدّ ـ يعني : حمل ـ بعضنا على بعض بالسيوف ، قلنا : نعم هو هذا.
وعن ابن عمر : كنّا نرى أنّ هذه الآية أنزلت فينا وفي أهل الكتابين ، وقلنا : كيف نختصم نحن ونبيّنا واحد وكتابنا واحد ، حتّى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف ، فعلمت أنّها فينا نزلت.
ثمّ بيّن سبحانه حال الفريقين ، فقال : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ) بإضافة الولد والشريك إليه (وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ) بالأمر الّذي هو الصدق بعينه. وهو ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. (إِذْ جاءَهُ) من غير توقّف وتفكرّ في أمره ، واهتمام بتمييز بين حقّ وباطل ، كما يفعل أهل النصفة فيما يسمعون.
ثمّ هدّد سبحانه من هذه صفته بأن قال : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) الهمزة للتقرير ، أي : يكفيهم ذلك مجازاة لأعمالهم. واللام للعهد ، أي : لهؤلاء الّذين
__________________
(١) ق : ٢٨.