(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ) زيادة عليه (لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وقد مضى تفسيره (وَبَدا لَهُمْ) وظهر لهم يوم القيامة من صنوف العذاب (مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) من الخلاص. وهذا وعيد لهم لا كنه لفظاعته وشدّته. وهو نظير قوله في الوعد : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (١).
والمعنى : وظهر لهم من سخط الله وعذابه ما لم يكن قطّ في حسابهم ، ولم يحدّثوا به نفوسهم.
وقيل : عملوا أعمالا حسبوها حسنات ، فإذا هي سيّئات.
وعن سفيان الثوري : أنّه قرأها فقال : ويل لأهل الرياء ، ويل لأهل الرياء. وجزع محمّد بن المنكدر عند موته فقيل له : فقال : أخشى آية من كتاب الله ، وتلاها ، ثمّ قال : أنا أخشى أن يبدوا لي من الله في ذلك ما لم أحتسبه.
(وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) «ما» موصولة ، أي : جزاء سيّئات أعمالهم. أو مصدريّة ، أي : سيّئات كسبهم حين تعرض صحائفهم ، وكانت خافية عليهم ، كقوله : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) (٢). أو أراد بالسيّئات أنواع العذاب الّتي يجازون بها على ما كسبوا. فسمّاها سيّئات ، كما قال : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (٣).
(وَحاقَ بِهِمْ) وأحاط بهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) جزاء هزئهم بما ينذرهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ممّا كانوا ينكرونه ويكذّبون به.
(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٩) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ
__________________
(١) السجدة : ١٧.
(٢) المجادلة : ٦.
(٣) الشورى : ٤٠.